"حزب الله" يدخل على خط تذليل العقبات والحكومة في تصفياتها الاخيرة

Read this story in English W460

استبعدت مصادر مقربة جداً من الرئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي، أن تتأخر عملية التأليف الى الأسبوع المقبل، معتبرة أن الأمور أصبحت واضحة في ضوء المواقف التي أعلنتها قيادات "14 آذار" في الذكرى السادسة لاغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، و"بالتالي لم يعد من مبرر للتأجيل أو التريث، لأن منطق الأمور لا يشجع على الدخول معها في مفاوضات جديدة، ومن الأفضل أن تأتي الحكومة من الموجود، أي من الأطراف السياسية المنتمية الى الأكثرية الجديدة، شرط أن تكون مقبولة ولا تشكل استفزازاً لأحد".

ونقلت صحيفة "الحياة" عن هذه المصادر، أن قيادات 14 آذار وعلى رأسها رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري "قالت كلمتها في مسألة الاشتراك في الحكومة من موقع المعارضة الجديدة على قاعدة مطالبة ميقاتي بموقف من السلاح غير الشرعي والمحكمة الدولية واحترام الدستور وعدم المساس بالثوابت الوطنية، لما يترتب عليها من إخلال بالتوازن العام في البلد".

ولفتت الى أن "السرعة باتت مطلوبة لتأمين ولادة طبيعية للحكومة العتيدة، فيما المشاورات التي يجريها ميقاتي مع الكتل الرئيسة في البرلمان اقتربت من التصفية النهائية. وهي أصبحت الآن في حاجة الى وضع اللمسات الأخيرة على التركيبة الوزارية".

لكن مصادر بارزة في المعارضة الجديدة قالت لـ"الحياة" إنها لم تتسلم من ميقاتي أجوبة واضحة حول الموقف من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والسلاح غير الشرعي، وأن كل ما سمعته منه "بقي في إطار المبادئ العامة والإعلان عن النيات الطيبة من دون أي التزام. وبما أن هذه الأجوبة لم تصلها بعد، سارعت الى البحث معه في أن تتمثل قوى 14 آذار بأكثرية الثلث الضامن في الحكومة، باعتباره يشكل صمام أمان يوفر لها الاطمئنان الى أن الفريق الآخر لا يستطيع أن يتجاوز الثوابت الخاصة بالمحكمة الدولية وبالسلاح غير الشرعي، فيما لا مانع لديها بأن تتمثل بوزراء دولة من دون حقائب لأن ما يهمها التأكد من عدم الالتفاف عليها".

وكشفت هذه المصادر أن جميع العروض التي تقدم بها ميقاتي منها بقيت أقل من الثلث الضامن، وأن آخرها كان بأن تتمثل بـ 8 وزراء، إضافة الى النائب تمام سلام في حكومة تتألف من 30 وزيراً وهذا ما لم يشجعها على اتخاذ قرار بالمشاركة.

ومع أن المصادر المقربة من ميقاتي، الذي تشاور ليل أمس الثلاثاء مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، نفت أن يكون للتريث أي أبعاد خارجية، وقالت إن المفاوضات وتحديداً مع رئيس "تكتل التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون انطلقت في الساعات الأخيرة بوتيرة عالية ودخلت في حسم الاختلاف حول حجم مشاركته بعد أن مرّت في حال من التردد فرضتها رغبته في انتظار الموقف النهائي من قوى 14 آذار، فإن مصادر مراقبة لم توافق على أن التأخير في إعلان الحكومة مرتبط فقط بأسباب داخلية.

وفي هذا السياق، سألت المصادر المراقبة عن صحة ما يتردد من أن لدى البعض رغبة في التريث في إعلان الحكومة الى ما بعد صدور القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الحريري، إضافة الى الانتهاء من "تنعيم" بعض المواقف الخارجية، خصوصاً أن قيادات لبنانية بارزة أحيطت علماً بأن "الحلقة اللبنانية" في المحادثات التي أجراها أخيراً رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان مع الرئيس السوري بشار الأسد في مدينة حلب، ولّدت اختلافاً في الرأي استدعى من دمشق مراجعة حساباتها وتقويم مواقفها.

ورأت المصادر أن أجواء هذه المحادثات لم تكن مشجعة وهذا ما دفع بوزير الخارجية السوري وليد المعلم الى التأكيد في أكثر من مناسبة أن القيادة السورية تدعم تشكيل حكومة وحدة وطنية في لبنان.

إلا أن مصادر في الأكثرية الجديدة دعت الى عدم تحميل كل هذه المعطيات أكثر مما تحتمل، معتبرة أن ولادة الحكومة دخلت في غرفة العناية الفائقة وأن الجهود متواصلة لخفض سقف مطالب عون وأهمها إصراره على إسناد وزارة الداخلية الى وزير ينتمي الى "تكتل التغيير والاصلاح"، وأنها تسير بخطوات سريعة في موازاة استمرار التواصل بين ميقاتي والقيادة السورية من خلال شقيق الرئيس المكلف طه ميقاتي.

وأكدت أن قيادة "حزب الله" دخلت في الساعات الأخيرة على خط تذليل العقبات التي تؤخر ولادة الحكومة، وقالت إن المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين خليل يواكب عن كثب المفاوضات الجارية بين طه ميقاتي ومسؤول العلاقات السياسية في "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل، وأنه يتدخل إذا اقتضت الحاجة.

لكن المصادر في هذه الأكثرية تتباين في موقفها من شروط عون وتتراوح بين متفهم له وبين آخر يدعو الى توفير الإغراءات لإقناعه بتعديل موقفه، ومنها التعهد له بمراعاته في التعيينات الإدارية لجهة أن يكون له الحصة الكبرى بين المسيحيين مع الإقرار بحقه في ممارسة "الفيتو" على أي مرشح يغرد خارج سرب "التيار الوطني".

وعليه، فإن المصادر المقربة جداً من ميقاتي والأخرى في الأكثرية الجديدة تتقاطع على موقف موحد مفاده أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة في ولادة الحكومة "لأنه لم يعد من مبرر للتردد أو الارتباك طالما أن المواقف أصبحت واضحة، وأن الحل هو الآن بيد "أهل البيت" الواحد الذين عليهم أن يبادروا الى تقديم التنازلات لإشعار ميقاتي بأنه يترأس حكومة مريحة لا تشكو من كثرة "جوائز الترضية" للعدد الأكبر من الطامحين للحصول على حقائب وزارية، بذريعة أنه حان وقت القطاف بعد كل ما قدموه للإطاحة بقوى 14 آذار وإسقاطها من الحكومة".

لذلك ينصح البعض في الأكثرية الجديدة، وفق مصادرها، الرئيس ميقاتي بأن "يبادر الى الإعلان عن حكومته، لقطع الطريق على حالة التململ والارتباك قبل أن تفعل فعلها بإحداث ثغرات جديدة لا مبرر لها، طالما أن المواقف أصبحت معروفة ولم يعد من مجال للتشاطر".

الى ذلك، أكدت صحيفة "الوطن" السورية ان الحريري أجرى اتصالات دولية بغية التأثير في الجهود التي يبذلها ميقاتي لتشكيل الحكومة، لافتة إلى أن ثمة مجموعات ضغط لبنانية في واشنطن وفي عواصم أخرى تحرّض علناً على ميقاتي وتحض على التخريب السياسي من خلال العمل لدى الكونغرس الأميركي على إصدار عقوبات اقتصادية وسياسية على لبنان.

التعليقات 0