السعودية تتحدّث للمرة الأولى عن "نية مسبقة" لقتل خاشقجي
Read this story in Englishأعلنت السعودية الخميس للمرة الأولى أنها تحقق في معلومات وردتها من تركيا مفادها أن المشتبه بهم في قضية قتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول "أقدموا على فعلتهم بنية مسبقة".
وكانت الرياض أكّدت السبت بعد 17 يوماً من الإنكار أنّ خاشقجي قُتل من طريق الخطأ في قنصليتها في اسطنبول خلال "شجار" مع عناصر أتوا للتفاوض معه حول عودته الى المملكة. وشّككت دول ومنظمات عدة في الرواية السعودية.
وأعلنت النيابة العامة في بيان الخميس أنها تلقّت "معلومات من الجانب التركي الشقيق من خلال فريق العمل المشترك" تشير إلى أن "المشتبه بهم في تلك الحادثة قد أقدموا على فعلتهم بنية مسبقة".
وأضافت أنها "تواصل تحقيقاتها مع المتهمين في ضوء ما وردها وما أسفرت عنه تحقيقاتها من وصول إلى الحقائق إن شاء الله واستكمال مجريات العدالة".
وبحسب السلطات التركية، قتل خاشقجي في الثاني من تشرين الأول على أيدي فريق جاء من السعودية خصيصا لتنفيذ العملية.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الثلاثاء إن الجريمة "تم التخطيط لها" قبل أيام.
وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو الخميس "لا تزال هناك أسئلة بحاجة إلى أجوبة" بشأن قتل خاشقجي"، مضيفا "من الذي أعطى الأوامر؟" لقتل الصحافي، و"أين الجثة؟ لقد أكّدتم أنهم فعلوها، لكن لماذا لا تقولون (أين هي)؟".
وعاش خاشقجي في الولايات المتحدة منذ 2017 والى حين مقتله، وكان كاتب مقالات في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية وناقدا لسياسات المملكة.
ووصف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي ألمحت بعض التقارير الى تورطه في عملية القتل، الأربعاء مقتل الصحافي، بـ"الحادث البشع"، متعهّدا بتقديم المذنبين للعدالة "لأخذ العقاب الرادع".
وكان الأمير محمد يتحدث في اليوم الثاني من منتدى "مبادرة مستقبل الاستثمار" الذي نظمه صندوق الاستثمارات العامة في فندق "ريتز كارلتون" واختتم أعماله الخميس.
وقال الأمير محمد "الحادث (...) مؤلم جدا لجميع السعوديين، خاصة لأنني مواطن سعودي، وأعتقد أنه مؤلم لأي إنسان موجود في العالم، وحادث بشع غير مبرر تماما".
- ضغوط متواصلة -
وكانت المملكة أعلنت توقيف 18 سعوديا على ذمة القضية، وتعهدّت بمحاسبة "المقصّر كائنا من كان" في مقتل خاشقجي.
ووضعت جريمة قتل الصحافي الرياض في مواجهة ضغوط دولية متفاقمة. وبدأت واشنطن ولندن هذا الاسبوع العمل على إلغاء تأشيرات سعوديين يشتبه بتورطهم في الجريمة.
وشدّدت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي خلال مكالمة هاتفية الأربعاء مع الملك السعودي على ضرورة تعاون السعودية مع التحقيق التركي.
وفي باريس، أعلن قصر الاليزيه أن فرنسا مستعدة لدعم "عقوبات دولية" بحق المسؤولين عن مقتل الصحافي، بعد اتصال هاتفي بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والعاهل السعودي.
وطغت قضية الصحافي السعودي على أعمال منتدى "مبادرة مستقبل الاستثمار"، خصوصا بعدما أعلنت شخصيات سياسية واقتصادية وإعلامية عديدة مقاطعته على خلفية القضية.
وبدت تصريحات الأمير محمد حول خاشقجي، وهي الاولى منذ أن اعلن عن فقدان أثر الصحافي في الثاني من تشرين الاول/اكتوبر، الحدث الأهم في أيام المؤتمر الثلاث.
وسعت المملكة من خلال استضافة المنتدى الذي أطلق عليه اسم "دافوس في الصحراء" تيمنا بمنتدى دافوس الاقتصادي العالمي، للعام الثاني، إلى استقطاب استثمارات جديدة في إطار خطتها لتنويع الاقتصاد المرتهن للنفط.
ولم يتم الإعلان هذه السنة عن مشاريع ضخمة داخل المملكة كالذي تم إعلانه في النسخة الأولى من المنتدى.
- "راضية جدا" -
ورغم ذلك، قال وزير الطاقة خالد الفالح في مقابلة مع قناة "الاخبارية" الحكومية في مقر المنتدى الخميس "أهنّئ (...) كل مواطن على النجاح العالي جدا لهذا المؤتمر بالرغم من محاولات البعض للتنغيص عليه وإفشاله".
وأضاف "المملكة أثبتت بما لا يدعو للشك قدرتها على التعامل مع كافة التحديات وكل الملفات الصعبة والعمل بقوة"، مشدّدا على ان "المسيرة لن يتم إبطاؤها".
وذكر أن الشركات التي تغيّبت "تتّصل بنا باستمرار خلال ال48 ساعة الماضية ويعتذرون ويعبّرون عن أسفهم ويعدون ان يقدموا خلال الاسابيع القادمة لفتح مكاتب وإعادة العلاقات الى طبيعتها".
وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان خلال جلسة حوارية في اليوم الختامي إن المؤتمر "حدث رائع ونحن راضون جدا".
وفي محاولة للتعويض عن غياب رؤساء شركات ورجال أعمال البارزين، عمل منظمو المنتدى على دعوة شخصيات سياسية عربية واسيوية وافريقية حليفة للرياض للتحدث في المؤتمر.
وأعلنت الرياض في اليوم الأول عن التوصل الى اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع شركات عالمية في مجالات النقل والطاقة وغيرها، بقيمة قدّرتها بأكثر من 50 مليار دولار، إلا ان غالبية هذه الصفقات هي مذكرات تفاهم او اتفاقيات سبق أن أعلن عنها في السابق.
واكتفى المنظمون في جلسة في اليوم الاخير باستعادة تفاصيل ثلاثة مشاريع ضخمة في المملكة، هي مدينة "القدية" الترفيهية التي وضع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز حجر الأساس لها في نيسان/ابريل الماضي، ومشروع بناء جزر سياحية على البحر الحمر اعلن عنه في 2017، إضافة الى "نيوم"، المدينة التي اطلف مشروعها في منتجى السنة الماضية باستثمارات بقيمة 500 مليار دولار.