تجسس أميركي على فرنسا سحابة عابرة بين باريس وواشنطن
Read this story in Englishاعتبر خبراء في فضيحة التجسس الاميركي على فرنسا "لحظة سيئة" عابرة وازمة لا يرجح ان تتخطى الاحتجاجات الدبلوماسية بسبب المصالح الاستراتيجية الكبيرة التي تربط بين البلدين.
ورات نيكولا باشاران الباحثة المساعدة في مؤسسة هوفر بالجامعة الاميركية في ستانفورد "انها لحظة سيئة بالنسبة لكافة المسؤولين المعنيين (...) لانه امر مهين للغاية بالنسبة للرؤساء الفرنسيين الثلاثة ان يروا اسماءهم واسماء مستشاريهم وكذلك مضمون تصريحاتهم واردة في تقارير وكالات التجسس الاميركية". لكنها توقعت ان تكون العواقب محدودة.
وقالت "سنشهد نقاشات حادة وربما تنقلات لمسؤولين سياسيين اميركيين معتمدين في فرنسا (حدث ذلك مع رئيس مكتب وكالة الاستخبارات الفدرالية الاميركية سي آي ايه في برلين) لكن لن يذهب الامر ابعد من ذلك".
وبعد الفتور في العلاقات في 2013 بسبب الغاء واشنطن المفاجىء لتوجيه ضربات الى سوريا عكس ارادة باريس، عادت الحرارة الى العلاقات الثنائية.
ولفت الخبراء الذين استطلعت اراؤهم الى ان مصالح البلدين تلتقي كثيرا بشأن عدد من الازمات، بدءا باوكرانيا وصولا الى محاربة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق مرورا بمنطقة الساحل الافريقي جنوب الصحراء الكبرى، لذلك فهم لا يتوقعون ان تؤدي الفضيحة الى القطيعة.
ومن سخرية القدر ان التعاون الثنائي متميز خصوصا في مجال الاستخبارات.
وقال النائب الاوروبي ارنو دانجان الاخصائي في مسائل الدفاع "ان جميع العمليات العسكرية التي نقوم بها في هذا الوقت بخاصة في الساحل تجري بفضل وسائل تنصت واقمار صناعية اميركية".
واستطردت نيكول باشاران "اننا مع ذلك نخوض الحرب معا. ففي العراق بشكل خاص تشارك طائرات رافال وميراج فرنسية يوميا الى جانب طائرات حربية اميركية في الضربات ومهمات الاستطلاع التي تستهدف تنظيم الدولة الاسلامية.
اصبحت فرنسا معاونا للجانب الاميركي على الصعيد العسكري براي دومينيك موازي من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية. "فقد حلت في هذا الدور مكان بريطانيا التي لم تعد تبغي القيام به منذ تدخلها البائس في العراق والتي قلصت ميزانيتها الدفاعية الى حد كبير" على حد قوله.
لكن تجاه شركائها الاوروبيين وتجاه الساحة السياسية الفرنسية لم يعد بامكان السلطات الفرنسية التزام الصمت بعد المعلومات التي كشفتها صحيفة ليبراسيون وموقع مديابارت ومفادها ان الاستخبارات الاميركية قامت بين 2006 و2012 بالتنصت على اخر ثلاثة رؤساء جمهورية فرنسيين على الاقل: فرنسوا هولاند الذي انتخب في 2012 وسلفيه اليمينيين نيكولا ساركوزي وجاك شيراك.
كثف فرنسوا هولاند الخطوات في هذا الخصوص، فدعا الى اجتماع مجلس الدفاع (يضم وزراء ومسؤولين عسكريين) واستدعى السفيرة الاميركية في باريس جين هارتلي، وهو امر نادر، وقرر ارسال منسقه للاستخبارات ديديه بريت الدبلوماسي الذي تسلم مهامه للتو في الاليزيه الى واشنطن "في الايام المقبلة".
وقال ارنو دانجان العضو في حزب الجمهوريين المعارض ساخرا "مجلس الدفاع هذا مسرحية. ماذا عساه يقول؟ ان على الرئيس الانتباه الى كيفية استخدام هاتفه الجوال؟ انه لا يتوجب قول كل شيء على هاتف جوال مفتوح والاولى استخدام وسائل اتصال مشفرة؟"
وشاطر دومينيك موازي هذا الرأي وقال "يتصنعون الدهشة والصدمة خصوصا لاسباب تتعلق بالسياسة الداخلية. ينبغي التعبير لشعب اليسار عن الاستياء ولشعب اليمين بان +الامة في خطر+...".
وفي نهاية المطاف يتوقع ان تبقى الاحتجاجات على المستوى الدبلوماسي. وفي هذا السياق قال دانجان "ابلاغ اصدقائنا الاميركيين باننا لسنا مسرورين، انها ابسط الامور ... يجب تذكير الاميركيين بعدد معين من الخطوط الحمر".
في المقابل فان التجسس بين الحلفاء قد يخدم مصلحة روسيا. وراى موازي "ان موسكو ستقول +أترون ان مستقبلكم معنا في بيت اوروبي مشترك. انظروا انهم يتجسسون عليكم، انهم يحتقرونكم ..." و"ذلك سيدعم جميع الذين يتطلعون في اوروبا ناحية موسكو بدلا من واشنطن".