المحكمة الدولية: الخلاف السياسي على المضمون لا يلغي إيجابيات الشكل
Read this story in Englishالخلاف السياسي بين اللبنانيين في شأن دور المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وأهدافها واضح ولا يحتاج الى إثبات أو برهان. ومع ذلك فالمحكمة تعمل وفقا للآليات الزمنية والقانونية الخاصة بها بمعزل عن هذه الخلافات.
قد يكون هذا الخلاف مفهوما من حيث خلفياته السياسية، ولكن مع ذلك، لا بد من الاعتراف بأن لهذه المحكمة جوانب تقنية عدة حرام ألا يستفيد اللبنانيون منها، أيا تكن خلفياتهم وانتماءاتهم السياسية والحزبية والطائفية.
فما تشهده قاعات المحكمة في لاهاي وكواليسها، يتخطى من هو المسؤول عن اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه تحريضا وتخطيطا وتنفيذا وتسهيلا وحماية للمجرمين... إنه يلامس تعريف اللبنانيين على "ثقافة" جديدة لم يسبق أن عاشوها في لبنان.
إن "ثقافة العدالة الدولية" وإن كانت في المضمون ثقافة "غربية – استعمارية – منحازة ومسيسة" في رأي معارضيها، فإنها تبقى في الشكل – على الأقل - مدرسة لا يجوز عدم التعلم منها لاستنهاض السلطة القضائية في لبنان.
فآليات العمل، وتقنياته، وشكل قاعة المحكمة، والنظافة، والترتيب، واحترام المتقاضين، وغيرها من الأمور، يجب أن تجمع مؤيدي المحكمة ومعارضيها، إذا كانت الحقائق التي ستعلنها مرفوضة سلفا من جانب قسم من اللبنانيين.
فهل يجوز الإختلاف على المظهر الحضاري لقاعات المحكمة؟ وعلى التقنيات التي تسمح للمتقاضين بالإطلاع على أدق التفاصيل الواردة في الملف؟ وعلى انتظام العمل بحيث لا ترجأ الجلسات من سنة الى سنة؟ وعلى الدقة في مواعيد انعقاد الجلسات؟ وعلى الخدمات الإعلامية المقدمة للصحافيين؟ وعلى علانية المحاكمات؟ وعلى الدقة في التنظيم وغيرها من الأمور البسيطة التي يفتقد اليها القضاء اللبناني.
إذا كان من المستحيل أن يتفق اللبنانيون على دور المحكمة الدولية وأهدافها وما ستصل اليه من أحكام، فإن إيجابياتها المتمثلة في تعريف اللبنانيين على آليات حضارية لعمل القضاء لم يعرفوا مثلها من قبل يجب أن تكون نموذجا يتقيد به النظام القضائي اللبناني ويجمع عليه اللبنانيون مدخلا لبناء مؤسسة قضائية تليق بلبنان واللبنانيين.