الحوارات والإنفصام في الشخصية السياسية للبنانيين
Read this story in Englishيعيش اللبنانيون ولا سيما السياسيون منهم حالة من الإنفصام في الشخصية نتيجة المواقف المتناقضة التي يعلنونها ويجاهرون بها.
فعلى الرغم من "موجة" الحوارات التي تتوالى بين تيار المستقبل وحزب الله، وبين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وبين بكركي وحزب الله وغيرهم، وعلى الرغم من أن هؤلاء الأطراف لا يتوقفون عن ترداد أهمية الحوار وضرورته من أجل الوصول الى تفاهمات تساعد في تنفيس الإحتقان ومنع الإنفجار، فإن كلا منهم مصر في الوقت ذاته على التمسك بمواقفه المبدئية معتبرا أن الحوار لا يلزمه بتغييرها.
لا يجوز أن ننكر ان أي فريق سياسي أو أي إنسان له حقه في حرية الرأي والمعتقد السياسي... ولكن السؤال البديهي الذي يتبادر الى الأذهان هو: إذا كان المتحاورون يقومون بما يقومون به وهم يتمسكون مسبقا بمواقفهم، فعلى اي نتيجة يراهنون؟
إن الوصول الى نتيجة في أي حوار يقتضي – نظريا - بالدرجة الأولى أن يتنازل فريق من الفريقين الى الفريق الآخر، أو أن يتنازل الفريقان ليلتقيا في منتصف الطريق.
وفي حالة لبنان، مطلوب من 14 آذار أن تقبل بمشروع حزب الله، أو من حزب الله أن يقبل بمشروع 14 آذار...
ولأن موازين القوى الحالية لا تسمح لحزب الله على الرغم من قوته بتشريع فرض مشروعه على شركائه في لبنان، كما أنها لا تسمح بطبيعة الحال لـ 14 آذار بفرض رؤيتها على حزب الله وحلفائه، فإن الحل الوحيد يبقى في تنازل الإثنين لمصلحة طرف ثالث هو الدولة اللبنانية.
عندما يختلف اثنان، لا بد من مرجع يبت بالخلاف ويعطي كل ذي حق حقه ... وفي حالة 8 آذار و 14 آذار، لا بد من أن يكون أي تنازل هو لمصلحة الدولة المعبر عنها بالنظام السياسي والدستور والقوانين المتفرعة عنه.
بهذه الطريقة فقط لا يشعر أي فريق بأن تنازله جاء لمصلحة الفريق الآخر وإنما لمصلحة الجميع.