رامي وأسامة عادا من سجون اسرائيل إلى دمار الحرب في غزة
Read this story in Englishيبذل بعض الفلسطينيين كل ما في وسعهم لمغادرة قطاع غزة، إلا ان رامي وأسامة اللذين قررت اسرائيل الافراج عنهما بعد سنوات من السجن واعادتهما الى غزة في هذا الوقت بالذات، صدما لهول الخراب والدمار الذي احدثته الحرب الدائرة منذ 8 تموز.
بعد عبورهما معبر اريتز الحدودي الى بيت حانون شمال القطاع، شهد الشابان اللذان كانا يتوقان لمغادرة "سجون العدو" والعودة الى اهلهما على الانتشار الكثيف للقوات الاسرائيلية التي تخوض حربا جوية وبرية على غزة، وهما يعبران بالقرب من دبابات اسرائيلية كانت تطلق نيرانها على القطاع.
غزة التي غادراها لا تشبه غزة التي عادا اليها بعد ان غيرت معالمها الحملة الاسرائيلية التي تستهدف تدمير القدرات العسكرية لحركة المقاومة الاسلامية (حماس).
"هذه حماس؟ لا، هذه كانت مدرسة وهذا كان مسجدا"، يقول اسامة بصوت مخنوق، وهو يمر قرب المباني المدمرة على جانبي الطريق بين معبر اريتز ومدينة غزة.
وعلى مدخل غزة، تتكدس النفايات، ويلوح اطفال للحافلة الصغيرة.
يترجل الشابان على مقربة من مستشفى الشفاء الذي تتردد في ارجائه صفارات سيارات الاسعاف. يكمل أسامة الى دير البلح في الوسط اما رامي فالى رفح قرب الحدود المصرية.
في اليوم التالي لعودته، قال أسامة عبر الهاتف وسط دوي الانفجارات، "كانت العودة الى غزة حلما، لكن عودتي الان صدمة حقيقية. الدمار في كل مكان. كل شيء تغير. حتى في الحي الذي اسكنه في دير البلح، منازل كثيرة دمرها القصف".
اعتقل أسامة الذي يبلغ حوالي الثلاثين من العمر، وتبدو ملامحه قاسية، في شباط 2008 بتهمة دخول الاراضي الاسرائيلية بطريقة غير قانونية، قبل اعتباره "مقاتلا غير شرعي"، كما قال. وانتهت فترة محكوميته الخميس. وفي خضم الحرب، اعيد الى قطاع غزة الذي يحلم الجميع بالفرار منه.
ومنذ بداية العملية العسكرية الاسرائيلية في 8 تموز، بات سكان قطاع غزة وعددهم 1,8 مليون شخص، محاصرين بنيران القصف والركام والموت دون ان يتوفر لهم خيار او فرصة للمغادرة. فلا مكان يهربون اليه في مواجهة الحصار المزدوج الاسرائيلي والمصري.
والامل الوحيد في قلب أسامة هو زوجته وابناؤه الاربعة، ومنهم الصغيرة سارة التي ولدت في بداية اعتقاله، ولم تتح له فرصة رؤيتها.
أما رامي الذي كان يمزح لدى عبوره الحدود، فكان يحاول مقاومة دموعه قبل ان يتوقف في وسط مدينة غزة. ولم يبلغ احدا بوصوله الى رفح بعد سنتين ونصف في الاعتقال.
وقال "لقد تحررت، ويفترض ان يكون هذا اليوم يوما سعيدا، لكنه ليس كذلك. غزة مدمرة، غزة تواجه حربا. وما اراه شهداء، وجرحى، ومواطنين يعانون المصاعب والالام. الموت افضل من العيش هكذا بلا كرامة".
اعتقل رامي في كانون الثاني 2012، وكان آنذاك في التاسعة عشرة من عمره مع اثنين من اصدقائه قرب الحدود الاسرائيلية. وقال "اتهمونا بأننا من المقاومة، وقالوا اننا كنا قرب الحدود لاعطاء احداثيات، واننا ارهابيون".
وتفيد المعلومات الاخيرة لمنظمة العفو الدولية اواخر 2012، ان اكثر من اربعة الاف فلسطيني مسجونون في اسرائيل، منهم مئات في الاعتقال الاداري، وهو تدبير يجيز سجن اشخاص لاسباب امنية من دون محاكمتهم.
واكدت ديبورا هايمس من منظمة العفو الدولية "في الاشهر الاخيرة، ازداد كثيرا عدد الفلسطينيين المسجونين بموجب الاعتقال الاداري". ومنذ الهجوم البري على قطاع غزة، اعتقل عدد غير محدد من الفلسطينيين في الضفة الغربية، كما قالت.
وفي حزيران، تحدثت منظمات لدعم السجناء الفلسطينيين عن حوالى 5600 معتقل فلسطيني في اسرائيل منهم 340 في الاعتقال الاداري.
وبعد سنتين ونصف "من دون توجيه تهمة اليه"، افرج عن رامي من سجن رامون. وقال "قالوا لي اني حر. فوجئت. وقلت في نفسي: الحرب مشتعلة، فلماذا يفرجون عني؟"